لقد كانت هذه المرحلة فى تاريخ الدولة العثمانية مرحلة اختبار وابتلاء ,
سبقت التمكين الفعلى المتمثل فى فتح القسطنطينية , ولقد جرت سنة الله تعالى ألا يمكن لأمة إلا بعد أن تمر بمراحل الاختبار المختلفة ,
وإلا بعد أن ينصهر معدنها فى بوتقة الأحداث ,
فيميز الله الخبيث من الطيب ,
وهى سنة جارية على الأمة الإسلامية لا تتخلف ,
فقد شاء الله تعالى أن يبتلى المؤمنين ويختبرهم ؛ ليمحص إيمانهم ,
ثم يكون لهم التمكين فى الأرض بعد ذلك .
وابتلاء المؤمنين قبل التمكين أمر حتمى من أجل التمحيص ؛
ليقوم بنيانهم بعد ذلك على تمكين ورسوخ ؛
قال تعالى :
{ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ *
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }
العنكبوت 2*3
قال ابن كثير رحمه الله :
"الاستفهام فى قوله تعالى :{ أحسب الناس } إنكارى , ومعناه أن الله سبحانه لا بد أن يبتلى المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان"
تفسير ابن كثير 3/405 .
إذا سنة الابتلاء جارية فى الأمم والشعوب والمجتمعات ؛
ولذلك جرت سنة الله بالبتلاء بالدولة العثمانية .
ولكن العثمانيون صمدوا لمحنة أنقرة على الرغم مما عانوه من خلافات داخلية إلى أن انفرد محمد الأول بالحكم فى عام 1413م ,
وامكنه لم شتات الأراضى التى سبق للدولة أن فقدتها
فما لبثت هذه الدولة بعد كارثة أنقرة إلا بعثت من جديد من بين الأنقاض والأطلال ,
وانتعشت , وسرى فى عروقها ماء الحياة وروح الشريعة ,
واستأنفت سيرها إلى الأمام فى عزم و إصرار حير الأعداء والأصدقاء .
وبعد حوالى 50عاما حدث النصر والتمكين المتمثل فى فتح القسطنطينية عام 14533م .
المصدر :
الدولة العثمانية د. الصلابى